افتتاح السنة التشريعية المغربية الجديدة تميز بخطاب ملكي لرئيس الدولة، حيث كان حسب مختصين في القانون الدستوري والسياسة بمثابة دعوة صريحة لتحمل الجميع للمسؤولية في بناء مغرب أكثر عدالة وإنصافاً وتكاملاً، مغرب قادر على رفع تحديات التنمية والإنصاف في المجالات الاجتماعية والاقتصادية. استُهل الخطاب بآية من سورة الحج أكدت أن الجهاد المعاصر في المغرب هو جهاد من أجل التنمية والإصلاح والكفاءة والنزاهة، وأن ذلك يتطلب تضافر جهود كل المكونات، من أجل مغرب يحتضن جميع مواطنيه ولا يقصي أحداً.
وقد أشار محللون جامعيون خلال برنامج على قناة ماب تيفي إلى أن الخطاب الملكي الأخير امتداد لفكرة "المغرب الصاعد" التي ترسخت في خطاب العرش، وانعكاس لرؤية استراتيجية تضع العدالة المجالية والاجتماعية في صلب النموذج التنموي، خاصة عبر الربط المبدع بين المجال القروي والحضري بمنطق "رابح رابح". المتدخلون أوضحوا أن الملكية استحضرت الحاجة إلى تأطير سياسي ومجتمعي جديد، في ظل أزمة ضعف انخراط الشباب في مؤسسات الأحزاب والنقابات والجمعيات وعدم استفادة المغرب من قوته البشرية. واعتبر الأساتذة أن الخطاب الملكي تضمن رسائل مباشرة للأحزاب السياسية تدعوهم لتغيير أنماط الاشتغال والانفتاح على الوسائط الرقمية، وتجاوز الحسابات الضيقة نحو نموذج تشاركي فعال يواكب تحولات المجتمع الرقمي، وهو ما حض عليه النقاش التحليلي في برنامج ماب تيفي
وترجمت التحليلات الجامعية أن الخطاب الملكي شدد أيضاً على ضرورة المزاوجة بين البرامج الكبرى وبرامج التنمية المحلية، وعلى أهمية إعطاء الأولوية للمناطق المهمشة في قانون المالية القادم. كما حملت كلمة الملك دعوتين بارزتين: "سنة التحديات" و"تغليب المصلحة الوطنية"، بما يعكس إرادة سياسية في الانتقال من منطق الحصيلة إلى منطق النتائج، وتفعيل استراتيجية وطنية تضمن لمغرب المستقبل حيوية اقتصادية وعدالة اجتماعية ومجالية، حسب تصور يُراهن على التوافق والتعاقدات الوطنية والمؤسساتية، بما يكرس مرجعية الخطاب الملكي كوثيقة موجهة للعمل السياسي والمجتمعي.