تشهد إيران في الأشهر الأخيرة تصاعداً غير مسبوق في الأزمات الداخلية، وسط تصاعد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وفق تقارير دولية وتحليلات صادرة عن مراكز أبحاث غربية مرموقة. أفاد تقرير حديث صادر عن مركز هنري جاكسون البريطاني للأبحاث وتناقلته صحيفة "نيويورك بوست" أن مؤشرات متعددة باتت تدل على اقتراب الجمهورية الإسلامية من الانهيار، مع ترجيحات حقيقية باندلاع حرب أهلية في حال سقوط النظام الحاكم. التقرير يستند إلى معطيات واقعية تشمل تدهور الوضع الاقتصادي، تفاقم معدلات الفقر والبطالة، الاجتياح المتواصل للتظاهرات الشعبية واتساع دائرة الاحتجاجات، إضافة إلى صراعات داخلية بين أجنحة النظام وسيطرة الحرس الثوري على مفاصل الدولة والاقتصاد.
تشير التحذيرات إلى أن تواتر الإعدامات الجماعية واستخدام القضاء كوسيلة للترهيب السياسي أدت إلى تعميق حالة السخط الشعبي، مدعومة بقمع شديد يستهدف الحركات الإصلاحية والنشطاء المدنيين. كما رصدت تقارير أممية تسجيل إيران لما يقارب 900 حالة إعدام سنوياً، في محاولة واضحة لتثبيط أي حراك مجتمعي مناهض للحكم. هذا في ظل حالة تصدع متزايد في البنية الأمنية والسياسية للنظام، حيث تبرز الخلافات بين المتشددين والتيارات الأكثر اعتدالاً، وتعزز التحالفات الفئوية بين أقطاب السلطة العسكرية والاقتصادية.
الدراسة الدولية أشارت إلى أن انهيار النظام الإيراني من شأنه أن يؤدي إلى فراغ سلطوي خطِر، ما قد يفتح الباب أمام سيناريوهات الفوضى والنزاع المسلح بين مختلف المكونات العرقية والسياسية في البلاد. وحذّرت من أن فقدان السيطرة المركزية قد يؤدي إلى تدخلات إقليمية أو نشوء بؤر صراع مسلح داخل إيران تسرّع بانزلاق البلاد إلى مرحلة حرب أهلية يُحتمل أن تتخطى حدودها الجغرافية. كما أكدت التوصيات على ضرورة بلورة خطط انتقالية دقيقة وقابلة للتنفيذ في حال انحلال النظام الحالي، لمنع تفشي الفوضى وضمان الحد الأدنى من الاستقرار الداخلي.
من جانب آخر، كشفت استطلاعات رأي محلية ودولية أن أكثر من ثمانين بالمائة من الإيرانيين يفضلون إنهاء النظام الإسلامي الحالي والتحول إلى حكم ديمقراطي مدني، ما يعكس حجم التململ الشعبي والرغبة المجتمعية في تغيير عميق وجذري. ويرى معظم الخبراء أن أي تدخل خارجي مباشر سيعزز من تماسك النظام بدلاً من إسقاطه، فيما يوصون بأن يكون الضغط الخارجي مصحوباً بدعم للمعارضة الداخلية ووسائل إعلام مستقلة تشجع على الانشقاق السلمي ضمن النخبة الحاكمة وتسرّع عملية الانتقال السياسي من الداخل.